إن الكثير من الباحثين في العالم يتحدثون عن ثورة الإتصال التي شهدها عصرنا الحالي بإعتبارها (الثورة الثانية) التي لعبت دوراً مؤثراً في حياة الإنسان بعد الثورة الصناعية، فإذا كانت سمة الثورة الصناعية الأساسية هي إنتاج المواد بكميات كبيرة، فإن سمة الثورة الإتصالية الأساسية هي إنتاج الرموز بكميات كبيرة، كما أن صناعة الإتصالات وإستخدامها أصبحت المعيار الحضاري الذي يميز دولة عن أخرى في عالمنا المعاصر، تماماً كما أصبحت معياراً يميز العصر الحالي عن العصور السابقة.

وتأسيساً لهذه الحقائق، فإن كتاب (مقدمة في الإذاعة والتلفزيون) للدكتور عبد الباسط محمد عبد الوهاب الحطامي يثير العديد من التساؤلات بخصوص الثورة الرقمية في مجال تكنولوجيا الإذاعة والتلفزيون، وأهمية إستيعابها من قبل العاملين في الإذاعة والتلفزيون والباحثين وطلبة الإعلام والإتصال، من خلال ممارساته الميدانية في الإستوديوهات، وكتاباته البحثية، وفي عملية التلقي، لأن التطورات الحديثة، برأيه، شملت (كافة المجالات والتخصصات والإعلام ووسائله) ولم يعد القائم بالإتصال يبحث عن المضمون، فما (يواجهه حالياً هو ضخامة وكثرة المعلومات والمعارف والأخبار… وسوق العرض الإعلامي من القنوات الفضائية والمحطات الإذاعية التي وصلت إلى الآلاف).

وبهذا المعنى فإن الكتاب يحاول أن يخلق التوعية الإعلامية بواقع التطورات الحديثة، والتنبيه إلى الإرتباط بالعصر أكاديمياً، فإن الكتاب هو يستعرض نشأة وتطور العمل الإذاعي والتلفزيوني ووحداته الإنتاجية منذ أن عرف الإنسان ولادة أول إرسال إذاعي تجريبي على يد ماركوني عام 1901 إلى العصر الرقمي، إنما يحاول إختصار الزمن بلغة العصر وإيقاعه. 

يمثل هذا الكتاب إطلالة علمية على الفكر العربي في مجال النظريات المستخدمة في تشكيل اتجاهات الرأي العام، وقراءة تحليلية نقدية من الباحثة، والتي تمثل شباب الباحثين الإعلاميين الذين أدركوا أهمية التكامل بين الإعلام والسياسة وعلم النفس… كما جاء بتويب الكتاب متميزاً، شكلاً ومضمونا، وتسم بالتسلسل المنطقي لموضوعاته ا لرئيسية والفرعية، وحسن توظيف العناوين الفرعية مما ساعد على تحقيق المتعة والمنفعة معاً، والتشويق والاستحواذ على الاهتمام.

وبحسب للباحثة تطرقها لعدة نقاط تشكل قاعدة معرفية ضرورية لنظريات الرأي العام، منها على سبيل المثال وليس الحصر: منظور الاستجابة المعرفية في تشكيل الاتجاهات، الاتجاهات البحثية الرئيسية في مجال الاستجابة المعرفية، النموذج الاحتمالي المنطقي في البناء المعرفي وتغيير الاتجاهات، نموذج التلقي-القبول-العينة.

وفي إطار ذلك تعرضت بالتفصيل لكل ما يخص النموذج، مثل: الصفوة ودورها في تشكيل الرأي العام، وأساليب قياس متغير التلقي، والأهمية الإمبيريقية للنموذج، وأهم الانتقادات الموجهة للنموذج، احتمالية إعمال العقل وطرق تغيير الاتجاهات وفقاً لهذا النموذج وقد استعانت في ذلك بالإشكال البيانية التي مثلت أحد عناصر التوضيح الجيد والتبسيط المفيد وتقديم المصطلح الأجنبي والترجمة العربية له، وهكذا… يحقق الإطلاع على هذا الكتاب فائدة كبرى للدارسين والممارسين، ويجد كل قارئ له إجابات وافية عن كثير من علامات الاستفهام المثارة حول نظريات تشكيل اتجاهات الرأي العام في العصر الحديث، عصر المعلومات وديمقراطية الاتصال.

يتطـرق هـذا الكتاب لعـدة نقـاط تشكل قـاعدة معرفيـة ضـروريـة لنظـريات الرأى العام مثل الاتجاهات البحثية الرئيسية فى مجال الاستجابة المعرفية ، و منظـور الاستجابة المعرفيـة فى تشكيل الاتجاهات . و يمثل هذا الكتاب اهمية خاصة فى عصر تكنولوجيا المعلومات .